يُحتمل أن يحقق الأشخاص الذين يُوصف لهم أدوية فقدان الوزن الشائعة مثل "أوزمبيك" و"مونجارو" فوائد صحية إدراكية وسلوكية، وفقًا لعلماء من كلية الطب بجامعة واشنطن في سانت لويس ونظام الرعاية الصحية للمحاربين القدامى في سانت لويس.
ومع ذلك، قد يواجه مستخدمو هذه الأدوية القابلة للحقن مخاطر متزايدة للإصابة بالتهاب البنكرياس ومشاكل في الكلى، بالإضافة إلى أمراض أخرى.
يستمر الطلب في الارتفاع على هذه الأدوية التي تُباع تحت أسماء تجارية مثل "أوزمبيك" و"ويغوفي"، حيث أفادت دراسة حديثة بأن واحدًا من كل ثمانية أميركيين قد تناول أو يتناول حاليًا هذه الأدوية لعلاج السكري أو أمراض القلب أو السمنة.
تُعرف هذه الأدوية رسميًا باسم ناهضات مستقبلات الببتيد الشبيه بالغلوكاجون-1 (GLP-1RA)، وتشمل أدوية مثل "مونجارو" و"زيبباوند". ويُطلق عليها بشكل غير رسمي من قبل وسائل الإعلام والمرضى وحتى بعض الأطباء اسم "أدوية المعجزة" نظرًا لفقدان الوزن الكبير الذي يحققه المستخدمون. ورغم أن هذه الفوائد الصحية مثبتة، إلا أن المعلومات حول تأثير هذه الأدوية على أجهزة الجسم المختلفة لا تزال محدودة.
الآن، قام علماء من كلية الطب بجامعة واشنطن ونظام VA الصحي في سانت لويس بتقييم منهجي للنتائج الصحية لأكثر من مليوني شخص مصاب بالسكري ويتناولون هذه الأدوية الشائعة. وقد وجدوا ارتباطات واسعة النطاق بفوائد صحية إدراكية وسلوكية، إلى جانب مخاطر متزايدة للإصابة بالتهاب البنكرياس ومشاكل الكلى، وغيرها من الأمراض.
نُشرت الدراسة في 20 كانون الثاني/يناير في مجلة Nature Medicine، وقال كبير مؤلفي الدراسة، الدكتور زياد العلي، وهو اختصاصي أوبئة سريرية وأخصائي أمراض الكلى يعالج المرضى في مستشفى جون جي كوكران التابع لجامعة واشنطن:"نظرًا لحداثة هذه الأدوية وشعبيتها المتزايدة بسرعة، من المهم فحص تأثيراتها على جميع أجهزة الجسم بشكل منهجي لفهم ما تفعله وما لا تفعله."
وأضاف:"سمح لنا منهجنا ببناء أطلس شامل يرسم خريطة الارتباطات الخاصة بأدوية GLP-1RA عبر جميع أجهزة الجسم. وتوفر نتائج الدراسة رؤى حول بعض الفوائد والمخاطر المعروفة وغير المعروفة سابقًا، مما قد يساعد في توجيه الرعاية السريرية وتحديد أجندات البحث العلمي."
تُؤخذ هذه الأدوية عن طريق الحقن مرة واحدة في الأسبوع، وهي تُحاكي هرمونات طبيعية تقلل الشهية وتبطئ عملية الهضم، مما يؤدي إلى شعور أطول بالشبع. كما يساعد النظام الغذائي الصحي وممارسة الرياضة على فقدان الوزن أيضًا.
في هذه الدراسة، قام الباحثون في جامعة واشنطن بتحليل سجلات طبية مجهولة الهوية من قاعدة بيانات تديرها وزارة شؤون المحاربين القدامى الأميركية. وقارنوا 175 نتيجة صحية بين المحاربين القدامى الذين تناولوا أدوية GLP-1RA لعلاج السكري وأولئك الذين تناولوا أدوية تقليدية أخرى مثل Jardiance وGlipizide وJanuvia.
شملت قاعدة البيانات أكثر من مليوني مريض تم علاجهم من مرض السكري في الفترة من 1 تشرين الأول/أكتوبر 2017 حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2023. وضمّت عيّنة المرضى أشخاصًا من مختلف الأعمار والأجناس والأعراق.
وقد ارتبطت أدوية GLP-1RA بفوائد كبيرة على الصحة العصبية والسلوكية، حيث أظهرت انخفاضًا في مخاطر الإصابة بالتشنجات والإدمان على مواد مثل الكحول والحشيش والمنشطات والأفيونات. كما قللت هذه الأدوية من احتمالات التفكير بالانتحار، وإيذاء النفس، والشره المرضي، والاضطرابات الذهانية مثل الفصام.
كما أظهرت نتائج الدراسة انخفاضًا في خطر الإصابة بالاضطرابات العصبية المعرفية مثل مرض ألزهايمر والخرف.
وقال العلي:"من المثير للاهتمام أن أدوية GLP-1RA تؤثر على مستقبلات توجد في مناطق الدماغ المسؤولة عن التحكم في الاندفاع والمكافأة والإدمان — مما يفسر فعاليتها في كبح الشهية واضطرابات الإدمان."
وأضاف: "كما أن هذه الأدوية تقلل الالتهابات في الدماغ وتؤدي إلى فقدان الوزن؛ وهذان العاملان قد يحسّنان من صحة الدماغ ويقللان من خطر الإصابة بحالات مثل مرض ألزهايمر والخرف."
ورغم أن هذه الأدوية أظهرت فعالية ضد مجموعة واسعة من المشاكل الصحية، فإن حجم الفوائد المرتبطة بها كان معتدلاً — بمعدل انخفاض بين 10% و20% لمعظم النتائج.
لكن العلي أوضح:"رغم أن التأثير المعتدل لا يُقلل من قيمة هذه الأدوية، خصوصًا في الحالات التي لا تتوفر فيها علاجات فعالة مثل الخرف، إلا أن ذلك قد يشير إلى أن الفوائد تكون أكبر عند استخدامها مع تدخلات أخرى مثل تغييرات نمط الحياة أو أدوية أخرى."
كما أكدت الدراسة نتائج سابقة تشير إلى أن هذه الأدوية تقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتات الدماغية، ومشاكل القلب والأوعية الدموية الأخرى.
وشدد العلي على أن الدراسة كشفت أيضًا عن جوانب سلبية مهمة، بما في ذلك زيادة خطر المشاكل في الجهاز الهضمي مثل الغثيان، والتقيؤ، والإسهال، وفي حالات نادرة شلل المعدة.
وأضاف: "لقد تم توثيق هذه الآثار جيدًا في الأبحاث وسردها بشكل غير رسمي من قبل المرضى، ودراستنا أكدت هذه النتائج."
لكن الجانب الجديد هو الطرق المحتملة التي قد تؤثر بها أدوية GLP-1RA سلبًا على البنكرياس والكلى. وعلى الرغم من أن هذه الآثار الجانبية غير شائعة، فإنها قد تكون خطيرة جدًا؛ لذا يجب على الأطباء أن يكونوا يقظين لأي علامات على التهاب البنكرياس ومراقبة وظائف الكلى لدى الأشخاص الذين يتناولون هذه الأدوية.
فمشاكل الكلى قد تحدث دون ظهور أعراض حتى تصل الحالة إلى مراحل متقدمة ذات خيارات علاجية محدودة.
وقال العلي:"أدوية GLP-1RA يمكن أن تقدم فوائد صحية واسعة، لكنها ليست خالية من المخاطر. تؤكد نتائجنا إمكانية توسيع استخدامات هذه الأدوية، لكنها في الوقت ذاته تُبرز مخاطر مهمة يجب مراقبتها بعناية لدى الأشخاص الذين يستخدمونها."